- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
مقدمة هامة
1 – لابد أن نعيش مع الآخرين ونتواصل معهم:
أيها الإخوة الكرام، متابعةً للخطبة السابقة التي أكدت فيها على أن المسلمين معهم كتاب كريم، ومعهم سنة مطهرة، هناك شروحات وتفسيرات لهذا الكتاب وتلك السنة، ولكن المسلم اليوم لا يستطيع أن يعيش وحده، فقبل مئة عام كان كل بلد على حدة، كل بلد يعيش وحده من دون تواصل، أما الآن فالعالم كله أصبح سطح مكتب بعد أن كان غرفة، بعد أن كان بيتاً، بعد أن كان قرية، بعد أن كان قارة، الآن ما يحدث في العالم يصل إلى أي مكان في العالم في ثوان معدودة، فلذلك المسلم شاء أم أبى، أعجبه أم لم يعجبه، يعيش مع الآخرين.
وهذا العيش المشترك يقتضي أن نقنع الناس بهذا الدين العظيم، هم توهموه إرهاباً وقتلاً وجهلاً وتخلفاً، كيف نقنعهم أن ديننا حضاري ؟ أن ديننا دين سلام، دين محبة، دين عطاء، دين نظام، الطرف الآخر مستحيل وألف ألف ألْف مستحيل أن يتجشم مشقة فتح كتاب لنا، هم لا يرون المسلمين من خلال كتبنا، ولا من خلال قرآننا، ولا من تفسيرات قرآننا، ولا من كتب الحديث، ولا من شروح الحديث، هم لا يرون المسلمين إلا من واقعهم، فإذا كان واقعهم متخلفاً فلا سبيل إلى الدعوة إلى هذا الدين، وكذا ما لم نصلح اعوجاجنا، ما لم نتعاون، ما لم نحل مشكلاتنا.
هناك مقاييس حضارية: البطالة مقياس، العنوسة مقياس، الأمية مقياس، العمل مقياس.
2 – العبادات الشعائرية لا تقطف ثمارها الا اذا صحت العبادات التعاملية:
أيها الإخوة الكرام، متابعة للخطبة السابقة أريد أن أؤكد لكم، وقد أكدت هذا مراراً أن الدين عبادات شعائرية، وعبادات تعاملية، ومنذ بعثة النبي عليه الصلاة والسلام وهو يؤكد من خلال مئات النصوص الصحيحة القطعية أن العبادات الشعائرية لا تقطف ثمارها الا اذا صحت العبادات التعاملية، وأكبر خطأ، وأكبر خلل، وأكبر وهمٍ وقع فيه المسلمون أنهم تصوروا أن الدين عبادات شعائرية ليس غير، مع أن ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام، مع أن أداء الحقوق مقدم على النوافل،
(( إن المرأة تذكر أنها تكثر من صلاتها، وصيامها، وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار ))
(( دخلت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ))
النمام يصلي ويصوم، لكن لا يدخل الجنة، لأنه أفسد العلاقات.
3 – هذا هو الدين:
أيها الإخوة متى نصحو ؟ متى نرى الدين ليس في الصلاة والصيام والحج والزكاة فقط ؟ الدين في المعاملة، الدين في الالتزام، الدين في الأمر والنهي، أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك، الدين أن تكون وقافاً عند حدود الله، الدين أن تكون صادقاً، الدين أن تكون أميناً.
واللهِ قبل يومين التقيت بإنسان يعمل في تجارة الأغذية، وعن طريق سفراته الكثيرة عثر على منتج غذائي كتب عليه سمن بقري صافٍ، سعر العبوة بالنسبة إلى مبيعها فيه مسافة كبيرة جداً، ويمكن أن يحقق عشرات الملايين من صفقة واحدة، لأنه مسلم، ويخاف من الله بحث عن هذا المنتج بحثاً دقيقاً، فعلم فيما بعد أنه من فضلات المسالخ، وقد يكون لحم خنزير، وقد يكون عظم خنزير، وقد يكون عيون البقر، فألغى عشرات الملايين، وركلها بقدمه، لأنه خاف من الله، هذا الذي نريده، نريد صدقاً، نريد أمانة.
والله أعرف أخا أشاد بناء، وتأخر في نقل ملكية البناء إلى أصحابه ثلاثاً وعشرين سنة، لأسباب ليست منه، لروتين معين، فظن أصحاب هذه الأبنية في أنفسهم شيئا، فالبيت اشتُرِي باثني عشر ألفا صار ثمنه اثني عشر مليونا، وليس باسمه، توهموا أن صاحب المشروع يعرقل السجل الرسمي بغية ابتزاز أموالهم، دفعوا له مبلغا فلكيا، قال: لا والله، لا آخذ شيئاً، أنا بعتكم في وقت، وأخذت أرباحي، وليس لي عندكم شيء، والتأخير ليس مني، فلما آن الأوان نقل لهم هذه السجلات الرسمية، هذا هو المسلم، إياك أن تظن أن المسلم يصلي، والله الذي لا إله إلا هو إن صلاة من دون استقامة لا وزن لها عند الله، ولا تعني شيئاً
(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ،
قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))
في اللحظة التي تتوهم أن دينك في المسجد فأنت واهم، دينك في البيت، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( خَيرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))
دينك في العمل، في دكانك، في البضاعة التي تبيعها، في السعر التي تحدده، في المعاملة التي تعامل بها زبائنك، دينك في عيادتك، هذا المريض أمانة في عنقك.
أيها الإخوة الكرام، إذا فهمنا الدين بهذا النحو يمكن أن ننتصر، يمكن أن نقنع غيرنا بهذا الدين العظيم.
قصة مستشفى قلاوون ليست عنا ببعيد
قصة المستشفى في الخطبة السابقة أنا ما قصدتها بالذات، قصدت أبعادها، إنه مستشفى حضاري، فلكل مريض رجلان يعتنيان بصحته، لكل مجموعة مرضى من مرض واحد لهم جناح خاص، هناك قاعة للتدريس، مستشفى تعليمي، كان هذا قديماً في مصر، مستشفى الناصر قلاوون، والذي يخرج من المستشفى له كسوة ومبلغ من المال يكفيه ل ينفق على نفسه في أثناء النقاهة، وقد فصلت في هذا الموضوع كثيراً حول هذه المستشفى الذي يعد مثالا إسلامياً عظيماً، وحضارة، أصبحت الآن مأوى للمشعوذين والدجالين، يأتي المريض فيمس عمامة هذا الناصر قلاوون من أجل شفاء وجع في رأسه، يمس قفطانه من أجل شفاء مرض في جسمه، يجبر ابنه على أن يلحس حجراً أو حديداً مع الحمض الشديد كي ينطق سريعاً، أصبح هذا المكان مكان دجل وشعوذة وخرافة، ليس غير.
فيا أيها الإخوة، نحن لسنا وحدنا في الحياة، نحن محاطون بأمم وشعوب، وكلها ترانا متفلتين، ترانا جهلة إرهابيين عنيفين، كيف نقنع الناس بهذا الدين العظيم ؟
سبل إقناع الناس بالإسلام
أيها الإخوة الكرام، من هنا انطلقت هذه الخطبة الثانية.
1 – أمانةُ الولايةِ:
أولاً: أمانة الولاية يقول عليه الصلاة والسلام:
(( صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء ))
العلماء يعلَمون الأمر، والأمراء ينفذّون الأمر، لذلك حينما قال الله عز وجل:
﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾
أولو الأمر هم العلماء والأمراء، العلماء يعلمون الأمر، والأمراء ينفذون الأمر، فإذا فسد هذان الصنفان فسدت الأمة.
لذلك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ... فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ))
جوهر الدين أنك مسؤول عن عملك، أقامك الله زوجاً، أقامك الله أباً، أقامك الله صاحب متجر، صاحب معمل، مدير مستشفى، رئيس جامعة، أستاذاً في صف، طبيباً، مهندساً، الله عز وجل سيسألك عن عملك ودينك، في عملك ورعك، في عملك استقامتك، في عملك رقيّك، عند الله من خلال عملك، أنت في المسجد تتلقى تعليمات الصانع، ليس غير، وفي المسجد قد تقبض الثمن اتصالاً بالله عز وجل، ولكن مكان العمل والتدين هو في عملك.
أيها الإخوة، فاطمة بنت عبد الملك بن مروان زوجة عمر بن عبد العزيز دخلت عليه فجأة في مصلاه فرأته يبكي، قالت: " ما لي أراك باكياً ؟ قال: دعيني وشأني، فلما ألحّت عليه قال: ويحك يا فاطمة، إني قد وليتُ أمر هذه الأمة، ففكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهول، واليتيم المكسور، والمظلوم المقهور، والغريب والأسير، والشيخ الكبير والأرملة الوحيدة، وذي العيال الكثير والرزق القليل، وأشباههم في أطراف البلاد، فعلمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً، وأن خصمي دونهم رسول الله، فخفت ألا تثبت حجتي، فلهذا أبكي ".
هل أحدٌ من الإخوة الحاضرين ليس له عمل ؟ فهو في عمله مسؤول عن عمله.
2 – أمانةُ التوليةِ:
أيها الإخوة الكرام، من مسؤوليات الولاية مسؤوليات التولية، سيدنا عمر عين والياً وقال له: << ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ قال له: أقطع يده، قال للوالي: إذاً إن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عار فسأقطع يدك، إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر له حرفتهم، فإن وفرنا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإن لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية >>.
أيها الإخوة الكرام، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي ؟ ـ أي في وظيفة أو منصب ـ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ:
(( يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا ))
أمانة التولية لا تبتعدوا بها كثيراً، هل هناك أقلُّ من معلّمٍ في صف ابتدائي عنده ثلاثون طالباً، أراد أن يعين عليهم عريفاً، فإن عين قريبه، وفي الصف من هو أفضل منه فقد خان الله ورسوله، فما بالك بما فوق ذلك، ابدأ بمعلم الصف، إذا عين عريفاً ليس كفئاً لأنه أخ زوجته إرضاءً لزوجته، وفي هؤلاء الطلاب الثلاثين من هو أفضل منه يقظة واهتماماً وإدارة بنص الحديث الشريف فقد خان الله ورسوله.
أيها الإخوة الكرام، هل تصدقون، والله لعل هذه القصة تخيفنا جميعاً، لكن الحقيقة المُرّة أفضل ألف مَرة من الوهم المريح: هذا الطالب الذي عندك أيها المعلم هل تصدق أنه أمانة في عنقك، هل علمته تعليماً صحيحاً ؟ هل تابعته ؟ هل قرأت وظائفه ؟ هل علمت أين نقاط ضعفه ؟ هل وجهته ؟ هل ربيته ؟ هل نصحته ؟ هل تتبعت صلاته ؟ أنت معلم مربٍّ، يقول لك: أنا أعمل على حسب الراتب، أنا أنصح الذي يقول هذا الكلام أن يستقيل فوراً لئلا يحاسبه الله عز وجل، ويبحث عن عمل يحقق طموحه، فما ذنب هذا الصغير لتنتقم من الجهة التي عينتك براتب قليل من طفل بريء ؟ ما ذنبه ؟ فلذلك المعلم كل طالب في عنقه أمانة، وإن الله سبحانه وتعالى سيسأله عنه يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾
لم يقل: أن تؤدوا الأمانة، قال ﴿ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ ﴾، لأنه مرتبط فيه مئات الأمانات، فأنت كمعلم هل بينت لهم أن نظرية داروين غير صحيحة، وهي ساقطة، وهذه الأدلة، أم أنك تلقي هذه النظرية على الطلاب في الصف الحادي عشر، وأنت مرتاح، علمته أن الإنسان بدأ من مخلوق وحيد الخلية، وتطور، أين آدم وحواء ؟ من أين بدأت الخليقة في القرآن الكريم ؟ أنت إن لم تشرح لهم مخاطر هذه النظرية وبطلانها فقد خنت الأمانة.
3 – أمانة الصناعات والحرف:
أيها الإخوة الكرام، وهل تصدقون أيها الأخوة أن هذا المريض أمانة في عنق الطبيب ؟ هل نصحته أم أخفته ؟ هل دللته على شيء لصالحك أم لا لصالحه ؟ هل نصحته بإجراء عملية وهو لا يحتاجها، لأنك طبيب جراح ؟
أيها الإخوة الكرام، والله الذي لا إله إلا هو، سوف نحاسب على كل حركة وسكنة، المحاسبة في عملك، وأنا أقسم لكم بالله أن الطبيب المؤمن لا يمكن أن يوصى، لأنه يعامل هذا المريض كعبد من عباد الله، وهو يعلم دائماً أن الله يراقبه، أنا لا أنفي وجود إخوة كرام من الأطباء الكبار المستقيمين الورعين، هؤلاء مفخرة لنا، هؤلاء ملوك الأطباء، ولكن هناك من يستغل جهل المريض، فيبتز ماله بطريقة أو بأخرى، لذلك دين الطبيب في عيادته لا في المسجد، دين المحامي في مكتبه، هل تعلم علم اليقين أن هذه الدعوى لن تنجح وهي خاسرة ؟ لماذا تقبل أن تكون وكيلاً للمدعي، وتعلم علم اليقين أن هناك اجتهادا في محكمة النقض لا يسمح لك أن تنال هذه الدعوى، لكن تقول: معنا ثماني سنوات نأخذ منه ما شئنا، هذا المحامي الذي يبتز أموال الناس يجب أن يعتقد أنه ألغى عباداته كلها، ألغى صلاته وصيامه وحجه وزكاته، والله لولا أن هذا الموضوع خطير جداً لما تجرأت على أن أبوح به، دينك في عيادتك، في مكتب المحامي، أنت مدرس رياضيات تعطيهم امتحانا يفوق طاقتهم جميعاً، أكثر الطلاب حصلوا على أصفار، هم بحاجة إلى دروس خاصة عندك، الله وحده يعلم، أنا لا أستثني حرفة، ولا أنزه حرفة، كل حرفة يمكن أن تكون أكبر عمل صالح لك، وكل حرفة يمكن أن تكون أكبر سبب مهلك لك، الدين النصيحة، والمؤمن ينصح.
أيها الإخوة الكرام، الأبنية والمنشآت والجسور والطرقات أمانة في عنق المهندس، المصمم كم بناء ينهار في بلاد كثيرة، ويموت مع هذا الانهيار عشرات الأشخاص، لماذا انهار البناء ؟ لخطأ في تصميمه، أو لخطأ في متابعته، أو لخطأ في المواد، الإسمنت قد انتهى مفعوله، الحديد فيه شوائب فحمية فالذي صنع الحديد، وأهمل مراقبة الحديد يدفع الثمن، والله الذي لا إله إلا هو سوف نسأل سؤالاً دقيقاً، قال تعالى:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
الصنعة والحرفة أداة وأمانة في عنق صاحبها، هل أتقنها ؟ هل حسنها ؟ هل طورها أم أهملها ؟ فكانت العيوب والنقائص، وكان الخلل والكساد، إتقان الصنعة جزء من الدين.
التوحيد لا يعفي العبد من المسؤولية
أحياناً تركّب لوحَ بلّور بسرعة بوسائل غير صحيحة، يقع هذا اللوح، ويقتل طفلة كالوردة المتفتحة، أنت تحاسب على ذلك، نحن في بلادنا من خطأنا الفادح أن كل خطأ أصابنا نقول: هكذا ترتيب الله، هذا غير صحيح، والدليل، أنّ الذي فعل ذلك محاسب عند الله، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾
﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
لا يمكن أن يعفي التوحيدُ العبدَ من المسؤولية، كمريض جاء إلى الإسعاف فأهملته نصف ساعة فمات، لا تقل: مات بأجله، وهذا ترتيب الله عز وجل، أنت محاسب عن هذا التقصير، ويوم نفهم أعمالنا أمانة، وسنحاسب عليها عندئذ يمكن أن ننتصر على أعداءنا، بل يمكن أن نقنع أعدائنا أن ديننا حضاري.
4 – أمانة البيئة:
أيها الإخوة الكرام، الشجرة والنبتة أمانة في عنق المزارع، أحياناً يسمدها بأسمدة تضر الإنسان، وأحياناً يعطيها هرمونات تزيد من حجمها، ويرتفع السعر على حساب الصحة، هناك هرمونات مسرطنة وهي ممنوعة دولياً، لكنها تشترى تهريباً، وتبخّ بها هذه النباتات، فإذا بالثمار كبيرة وزاهية، وبلا طعم، صفاتها الفيزيائية عالية جداً، والكيميائية صفر، من أجل الربح نسبّب للناس أمراضاً كثيرة، هل تصدقون أن مادة كيماوية ترش بها كروم العنب هذه المادة جهازية تدخل في بنية حبة العنب مهما غسلت هذا العنقود تكون المادة المسرطنة ضمن العنب، هذه المادة إذا أكل العنب قبل ستة أشهر من مضي البخ تسبب السرطان، هذا الدواء مريح لا يبقي دبورا، وقد يأكل الدبابير خمس المحصول، وبهذه الطريقة سلم المحصول، ومات الناس، لماذا نسبّب السرطان، وقد أضعاف صارت عشرة من المواد الحافظة، والمواد المسرطنة والمواد الكيماوية ؟ وهناك صناعات غذائية خطيرة جداً.
لذلك أيها الإخوة الكرام، لا تتألم من شدة الدولة في مراقبة المواد، ولا تفرح بمادة مهربة قد يكون التهريب سبب إخفاء انتهاء صلاحيتها، وحينما تفهم الدين في عملك، في دكانك، في معملك، يمكن أن تضاف مادة مسرطنة إلى مادة غذائية تزيد من لونها الأبيض، ويرتفع السعر على حساب صحة الناس، فلذلك قضية الدين قضية أساسية، والله الذي لا إله إلا هو أنا لا أفهم الدينَ أبداً في المسجد، بل هو في معملك، في دكانك، في عيادتك، في مكتبك الهندسي، في صفّك أيها المعلم، في حقل التجارب أيها المزارع، في البناء أيها المهندس.
5 – أمانة المواطنين المراجعين:
أيها الإخوة الكرام، هذا المراجع أمانة في عنق الموظف، بإمكانك أن تعطيه الموافقة بدقيقة، تقول له: تعال غداً، هو جاء من حلب، كلمة: ( تعال غداً تقتضي أن ينام في الفندق، ويدفع ألف ليرة، وبإمكانك أن تعطيه الموافقة اليوم، هو أمانة في عنقك، بإمكانك أن تسهل له الموافقة، وبإمكانك أن تضع العراقيل أمام هذه الموافقة من أجل ابتزاز ماله، هو أمانة في عنقك، وإن الله سيسألك عن هذه الأمانة.
6 – أمانة المعاملات:
البيوع أمانة، الديون أمانة، المواريث أمانة، الودائع أمانة، الرهون أمانة، العواري أمانة، الوصايا أمانة، الهبات أمانة.
7 – أمانة الأعراض:
يدخل في هذه الأمانة أمانة الأعراض، كفّ النفس والسمع والبصر، واللسان واليد عن أعراض الناس، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ:
(( مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ ))
أيها الإخوة، أمانة اللسان أنْ لا تنطق إلا بالحق، ولا تقبل إلا الحق، ولا تغتب، عد الإمام الغزالي أنواع المعاصي المتعلقة باللسان بالعشرات في كتابه.
8 – الأمانة العلمية:
أيها الإخوة الكرام، والأمانة العلمية أمانة تترجم كتاباً، وتعزوه إليك، هو ليس من عندك، تأخذ نصاً ولا تذكر من أين أخذت هذا النص، هذا أيضاً يتناقض مع الأمانة العلمية.
أيها الإخوة الكرام، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه قلت رعيته أم كثرت حفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى يسأل الزوج عن زوجته والوالد عن ولده والسيد عن خادمه هل أقام فيهم أمر الله ))
9 – أمانة المجالس:
أيها الإخوة، المجلس أمانة، يجب أن تحفظ، أمانة المسجد، إلا إذا مجلس فيه خطة لانتهاك عرض امرأة، إن سكت فقد خنت الأمانة، إن كان في المجلس خطة لنهب مال زيد أو عبيد، إن سكت فقد خنت الأمانة، انتهاك عرض، أو أكل مال، أو سفك دم، هذه المجالس عندئذ الأمانة أن تبوح بالمضامين، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ، إِلَّا ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ، سَفْكُ دَمٍ حَرَامٍ، أَوْ فَرْجٌ حَرَامٌ، أَوْ اقْتِطَاعُ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ))
10 – أمانة العلاقات الزوجية:
بقيت أمانة العلاقات الزوجية:
(( إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا ))
في مجالس الفسقة يتحدثون عن زوجاتهم، وفي مجالس الفاسقات يتحدثن عن أزواجهن، وعن علاقاتهن الحميمة، وعن عيوب الزوج، وعن عيوب الزوجة، وهذا من أشد أنواع الأمانة.
الدين شامل لنواحي الحياة كلّها
أيها الإخوة، الحقيقة الموضوع طويل، يجب أن تعلم، والله ولا أبالغ أن الدين خمس مئة ألف بند، في تجارتك، في عملك، في كسب مالك، في أفراحك، في أتراحك، في حلك، في ترحالك، في سفرك، في السلم، في الحرب، في الشدة، في الفقر، في الغنى، كل شيء تفعله تحاسب عليه، قال تعالى:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
حينما يرى العالَم الآخر مجتمعاً إسلامياً قوياً متماسكاً متعاوناً يعمل بدأب ومتابعة، يتقن عمله، يصدق في كلامه، يؤتمن على ما أمن عليه، مثل هذا المجتمع يعطي فكرة أخرى عن المسلمين.
قلت مرة في أستراليا على الإذاعة في لقائي الأخير خاطبت مسلمي أستراليا فقلت لهم: هذا الأسترالي لا يمكن أن يفتح كتاباً إسلامياً، لا يعنيه ذلك إطلاقاً، لن يفتح تفسير القرآن، ولا فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ولا تفسير القرطبي، ولا أي كتاب إسلامي آخر، إنه يتعرف على الإسلام من خلال هؤلاء المسلمين الذين أمامه، فإن كذبوا، واحتالوا، وقدموا تصريحات كاذبة، وابتزوا أموال بعضهم بعضاً، وكانوا متخلفين، وكانوا منحرفين، هؤلاء لن يقتنعوا بالإسلام، لذلك أثرت كلمة عن الذي رسم نبينا عليه الصلاة والسلام برسومات تشوه سمعته، والنبي فوق ذلك، قال: كنت أظنه كأتباعه، لذلك الآن بطولتك أن تكون سفيراً للمسلمين، المؤمن صادق أمين عفيف، إن حدثك فهو صادق، وإن عاملك فهو أمين، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف، لو بقيت ساكتاً، صدقك دعوة إلى الله، وكذلك أمانتك دعوة إلى الله، وكذلك عفتك دعوة إلى الله، وقد تكون الدعوة الصامتة أبلغ من الدعوة الناطقة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.
* * *
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.
أنت مكّلف بما تستطيع عليه وتقدر
أيها الأخوة الكرام، أنت لست مكلفاً أن تقنع العالم الغربي بالكف عن العدوان على المسلمين، لست مكلفاً لأنك لا تستطيع، ولست مكلفاً أن تغير المجموع العام، لأنك لا تستطيع، والله عز وجل لا يكلفك إلا ما تستطيع، الذي تستطيعه بيتك وعملك فقط، ولست مكلفاً بشيء آخر.
الشيء الآخر، تكلم، انصح، لكن ما معك سلطة، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يذعه بالقرآن، أنت مسلم عادي، مواطن، مدرس، مهندس، أستاذ جامع ما الذي تملكه ؟ تملك بيتك، وتملك أهلك، وتملك نفسك، وتملك عملك، فإذا عاهد كل واحد منا ربه أن يقيم الإسلام في بيته، وفي عمله، وفي نفسه، فقد انتهت مهمته، أدى الذي عليه، وبقي من الله الذي له، فالمرأة كيف تسهم في انتصار الأمة ؟ حينما ترعى أولادها، حينما تربيهم، حينما تتابع تحصيلهم، حينما تتابع صلاتهم وعبادتهم، حينما تتابع أخلاقهم، تكون هذه الأم وهي في البيت قد أسهمت في انتصار الأمة.
كيف تسهم في بناء وانتصار الأمة ؟
طالب كيف يسهم في انتصار الأمة ؟ إذا أتقن دراسته، وكان عالماً حقيقة، فبدل أن نأتي بخبير يأخذ عشرين ضعفا أو مئة ضعف يأتي هذا الإنسان يوضع في عمل فيقدم لأمته العلم الوفير والخبرة والذكاء.
أنا أقول لكم: الطبيب والمدرس والمحامي والمهندس والبائع والموظف والضابط، وأي إنسان على هذه الأرض الطيبة بإمكانه إذا أتقن عمله، ونفع به المسلمين أن يسهم في انتصار الأمة، هذا الجهاد اسمه الجهاد البنائي، يسبق الجهاد القتالي، ودليله في القرآن الكريم:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
نحن في عصر لغة القوة
الآن اللغة للأقوى، الضعيف لا مكان له إطلاقاً، هناك أسلحة متطورة بشكل لا يصدق، لذلك القوة هي الحاكمة الآن، نحن في عصر الغاب، نحن في مجتمع المادة، كل واحد يمكن أن يفترس، والحق معه، تقول: معي حق، أنا أندد، أنا أستنكر، أنا أشجب، تحرق علَما، تحرق صورة، لا أحد يعبأ بك، تكون قويا يصغى إليك، القوة تأتي من البناء، كل إنسان درس دراسة متقنة، طور عمله، طور اختصاصه، ساهم في بناء هذه الأمة، ذهب إلى بلاد الغرب، وعاد منها، وقدم خبرته لبلده، يسهم في النصر.
الآن هناك قضية قرار اتخذه أعداءنا بإبادتنا، صدقوا هذا الكلام، في الإبادة، أو في الإذلال، أو في الإفساد، أو في الإضلال، والحد الأدنى الإفقار، يبيعوننا أشياء لا نحتاجها إطلاقاً، ولن نستخدمها إطلاقاً بأرقام فلكية، يبيعونها بالإذعان، ويشترون بضاعتنا وموادنا الخام بأرخص الأسعار، يعطوننا أسعار النفط، ويستردونها عن طريق البورصات، انهيارات في العالم العربي في البورصة، سبعة وثلاثون ألف إنسان دخلوا المستشفى في بلد عربي بسبب انهيار البورصة، يعطوننا أسعار النفط، ويستردونها خسارات تفوق حد الخيال في يد أخرى، لذلك ما لم نتعاون، ما لم نسقط من أيديهم الورقة الرابحة الوحيدة الفتن الطائفية، ما لم نتعاون، ما لم نطور أعمالنا، ما لم نرعَ المتفوقين منا، ما لم نعلم أبنائنا فلن ننتصر، فما بال معظم الناس إذا لم ينجح الابن في السابع ينهي دراسته، أعوذ بالله، أين الإصرار ؟ جعلته خادماً، جعلته إنسانا يتكفف الناس من بعدك، فلا بد أن ترعى أبناءك في تعليمهم إلى أعلى مستوى، المجتمعات المتخلفة فيها عنوسة مخيفة، فيها بطالة مخيفة، فيها فقر مخيف، وكل الأعمال المهمة بيد أعداء الأمة، أما الأعمال الرخيصة فضارب آلة كاتبة، خادم، آذن، فرّاش بيد المسلمين، هذا خطأ كبير.
أيها الإخوة الكرام، ما لم نتفوق فلن نسهم بانتصار الأمة، والقرار الآخر قرار إبادة طبعاً غير معلن، لكن حقيقة قتل بغير حساب، مليون قتيل في العراق، أربعة ملايين مشرد، مليون معاق، ثلاثة آلاف وثلاثمئة عالم قتلوا من أجل أن تبقى الأمة على الدهماء، الأمة بعلمائها، بقادتها، وهناك خطط، وتجربة العراق تجربة مخيفة، تسمى عندهم الفوضى البناءة.
والله الذي لا إله إلا هو لولا المقاومة الشديدة جداً في العراق لطبقوا هذا على معظم بلاد المنطقة، لكن المقاومة الشديدة، ونحن مدينون لها بالفضل ألجمت هذا العدو الشرس عن متابعة احتلاله ، لذلك القضية الآن قضية خطيرة جداً، نكون أو لا نكون، قضية إبادة، لكن الكلام الذي يسمع في الأخبار، قضية ديمقراطية، حقوق إنسان، مجتمع مدني، مجتمع آمن، هذا كله كلام فارغ لا يقدم ولا يؤخر.
أيها الإخوة الكرام، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾
عملك أمانة، وبيتك أمانة، وابنك أمانة، وابنتك أمانة، وكل أنواع أعمالك، هذا الإنسان الذي أمامك أمانة في عنقك.
الدعاء
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، خذ بيد ولاة المسلمين لما تحب وترضى يا رب العالمين، إنك على ما تشاء قدير، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، لا تأخذنا بالسنين، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، دمر أعداءك أعداء الدين اجعل تدميرهم في تدبيرهم، اجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، انصر عبادك المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي شمالها وجنوبها، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.